كثير من الناس يخفى عليهم هذا الحكم فتجده إذا عجز عن الشفاء من السحر الذي ألم به يذهب إلى السحرة والمشعوذين بل تجده من أول وهلة أصابته يذهب إلى أولئك الكفرة ويستعين بهم في حل سحره ولخطورة هذا الأمر أحببنا أن ننبه على هذا الحكم .
هل يجوز الذهاب للسحرة بغرض حل السحر عن المسحور؟.
اختلفت أقوال الناس في ذلك فمنهم من قال بالجواز إذا كان الغرض الإصلاح لا الإفساد، ومنهم من قال بأنه لا يجوز إطلاقاً الذهاب إليهم بأي شكل من الأشكال .
وإذا نظرت إلى نصوص الشريعة تجد أنها جاءت واضحة في بيان النهي عن الذهاب للسحرة سواء كان للإفساد أو الإصلاح وعندئذ نقول لا نلتفت إلى أقوال من قال بجواز حل السحر عن المسحور باستخدام السحرة والمشعوذين؛ لأن ذلك عارٍ عن الدليل .
أما دليل ذلك فهو:
1ـ أدلة النهي عن الذهاب إلى السحرة مطلقاً ومن هذه الأدلة قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ" .
وقوله: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَىْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً".
فقوله صلى الله عليه وسلم (فَسَأَلَهُ عَنْ شَىْءٍ) يحتمل أن يسأله الشفاء أو يسأله الإضرار لأن كلمة شَىْءٍ نكرة تحتمل هذا وهذا فلما كان الاحتمال موجودا كان استثناء الإصلاح يحتاج إلى دليل ولا دليل على ذلك .
ومما احتج به من قال بجواز ذلك حديث " النُّشْرَةِ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ".
وهذا الحديث في الحقيقة حجة لمن قال بعدم جواز النشرة إلا ما جاء الدليل بجوازه ولذا قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في بيان تعريف النشرة وحكمها : النشرة حل السحر عن المسحور وهي نوعان:
أحدهما: حله بسحر مثله وهو الذي من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن البصري فيتقرب الناشر و المنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور .
والثاني: النشرة بالرقية و التعوذات والدعوات المباحة فهذا جائز.