وهل يسقط عنه الحد إن تاب؟
لاشك أن شريعتنا الإسلامية كلها مبناها على الرحمة بالعباد وذلك بحفظ نفوسهم وأرواحهم وأجسادهم، ولذا شددت على من يرتكب هذه الفعلة الشنيعة وأمرت بقتله.
فقد اتفق الأئمة الأربعة على قتل الساحر حفاظاً على أفراد الأمة ومجتمعاتها.
فالحاصل أن الساحر حده في شريعتنا القتل، ولكن هل يستتاب أم لا، على خلاف بين أهل العلم، ولأحمد -رحمه الله- روايتان، المشهور في مذهبه أنه يقتل من غير استتابة وبهذا قال مالك، لأن الصحابة لم يستتيبوا السحرة الذين حكموا بقتلهم.
والخلاف بين الأئمة -رحمهم الله- هو في إسقاط الحد عند التوبة أي هل إذا تاب من سحر هل يُقتل أم لا يُقتل؟ والصحيح ما ذكرناه أنه يُقتل حتى وإن تاب وذلك لشناعة فعله وتحذيراً لغيره من ارتكاب هذه الفعلة فما شرعت إقامة الحدود إلا للحفاظ على الحياة البشرية ولذا قال تعالى: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ".
ففي قتله حياة للبشرية، وتخلص من شره وتنبيه لغيره .
أما توبته فيما بينه وبين ربه -سبحانه وتعالى- فمن ذا الذي يحول بينه وبينها! فإن كانت توبته صادقة ، واستوفت شروطها فلاشك -إن شاء الله- في قبولها .
مسألة في ساحر أهل الكتاب:
اختلف أهل العلم في ساحر أهل الكتاب هل يقتل بسحـره أم لا؟.
فذهب أبو حنيفة إلى القول بقتله وذلك للآتي :
أولاً: لعموم الأخبار التي جاءت بقتل الساحر .
ثانياً : لأن السحر جناية أوجبت قتل المسلم فأوجبت قتل الذمي كالقتل .
وذهب مالك -رحمه الله- إلى القول بأنه لايقتل إلا أن يقتل بسحره فيقتل .
وقال أيضا: أنه إذا أدخل بسحره ضرراً على مسلم لم يعاهد عليه نقض العهد بذلك فيحل قتله.
وذهب الشافعي-رحمه الله- إلى ما قاله مالك أولاً بأنه لا يقتل إلا أن يقتل بسحره فيقتل.
والصحيح أنه يقتل بسحره إذا تسبب في قتل أحد أو ضرره، لأن تعاطيه السحر نقض للعهد فيقتل به.