هل الملكان يكتبان كل ما يتكلمه الإنسان ؟
مطلب هل الملكان يكتبان كل ما يتكلمه الإنسان .
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
هل الملكان الكريمان الكاتبان يكتبان كل ما يتكلم به الإنسان , أو لا يكتبان إلا ما فيه ثواب وعقاب ؟ [ ص: 80 ] اختلف العلماء في ذلك على قولين مشهورين . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما : يكتب الملك كل ما يتكلم به من خير أو شر , حتى أنه ليكتب قول أكلت وشربت وذهبت وجئت , حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان فيه خير أو شر وألغي سائره , فذلك قوله تعالى { يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب }
وقد قال تعالى { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } .
قال الحافظ ابن رجب : وقد أجمع السلف الصالح على أن الذي عن يمينه يكتب الحسنات , والذي عن شماله يكتب السيئات , وقد روي ذلك مرفوعا من حديث أبي أمامة بإسناد ضعيف .
وفي الصحيح { إذا كان أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه والملك عن يمينه } . وروي من حديث حذيفة مرفوعا { أن عن يمينه كاتب الحسنات } .
وعن يحيى بن أبي كثير قال : ركب رجل حمارا فعثر به , فقال تعس الحمار , فقال صاحب اليمين ما هي حسنة أكتبها , وقال صاحب اليسار ما هي سيئة فأكتبها , فأوحى الله إلى صاحب الشمال ما ترك صاحب اليمين من شيء فاكتبه , فأثبت في السيئات تعس الحمار . قال الحافظ : وظاهر هذا أن ما ليس بحسنة فهو سيئة وإن كان لا يعاقب عليها , فإن بعض السيئات قد لا يعاقب عليها , وقد تقع مكفرة باجتناب الكبائر , ولكن زمانها قد خسره صاحبها حيث ذهب باطلا , فيحصل له بذلك حسرة في القيامة وأسف عليه , وهو نوع عقوبة , والله تعالى أعلم