قال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات: 52]؛ وهذا يدلّ على أنَّ جَميع الأمم قد ظهر فيها السِّحْر، ومن هذه الأمم أهْل بابل الَّذين يؤلِّهون الكواكب السَّبعة، وقد ابتلاهم الله تعالى بإرْسال الملَكين هاروت وماروت لتعليم السحر لِمن شاء، ومع ذلك فهما يحذِّران من أساليب السحر؛ قال تعالى: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ} [البقرة: 102].
ثمَّ ظهر السحر في قوم نوح وأهل فارس بعد سيطرتِهم على أرض بابل، وممَّن فشا عندهم السحر قومُ فرعون؛ حيثُ استعانوا به في عمليَّات التَّحنيط، واستفحل السِّحر أكثر في زمن (دَلُوكا) ملكة مصر بعد فرعون.
ويكفي في أهل الهند أنَّهم خصصوا أحد كتُبهم المقدَّسة لتعليم السِّحر، وألَّف فيه أهل اليونان كثيرًا، وظهر في اليهود حتَّى آثروا السحر على شرع ربِّهم، واتهموا سليمان - عليْه السلام - بالسِّحْر فبرَّأه الله بقوله: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102]